أهمية رعاية الصحة النفسية
ينظر المجتمع إلى الصحة النفسية على أنها جانب ثانوي من جوانب الحياة العديدة من حولنا، وأنّ أعراضها قد لا تتجاوز المزاج السيء خلال أوقات معينة في اليوم، وأنه من الممكن أن تتلاشى بمجرّد القيام بأي فعالية أو طقوس مفرحة لنا.
لكن يتنافى هذا التفكير السائد مع الحقيقة؛ إذ أنّ الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، وأنّ كلاهما مرتبطان ارتباطًا وثيقًا ببعضهما البعض، مثل ربط الإجهاد العقلي وكثرة التفكير بمشاكل القلب، بالإضافة إلى مشاكل أخرى سأوضّحها لكم أعزّائي القرّاء من خلال الفقرات التالية.
تأثير الصحة النفسية على الصحة الجسدية
ترتبط العديد من المشاكل الجسدية بالصحة النفسية كما ذكرت لكم سابقًا، وعدم متابعة الصحة النفسية من دون علاج؛ يؤدي إلى تفاقم بعض الأمراض الجسدية، ومن أكثر التأثيرات شيوعًا ما يلي.
تأثير الصحة النفسية على الجهاز الهضمي
يؤكّد العلماء هذا التأثير من خلال احتواء الجهاز الهضمي على عدد كبير من الأعصاب، وبالتالي فإن الإجهاد النفسي وسوء المزاج يؤثّران على التوازن الكيميائي، وعلى إنتاجية الأجسام المضادّة التي تحمي الجهاز الهضمي، ومن أبرز هذه الأعراض ما يلي.[1]
- تقلّصات وتشنّجات المعدة.
- عسر الهضم.
- الإسهال.
- الإمساك.
- فقدان الشهية.
- الغثيان.
- متلازمة القولون العصبي.
- الجوع الغير طبيعي.
جميع هذه الأعراض تؤثّر على صحّة الجسم؛ من خلال إحداث خلل بتزويد الجسم بالعناصر الغذائية المهمة.
تأثير الصحة النفسية على الشعر
يعد كلًا من القلق والاكتئاب والتوتّر عوارض أساسية وشائعة للصحة النفسية، والتي ترتبط مباشرةً بصحة الشعر وتساقطه، لأن هذه الأعراض تؤثّر على صحة بصيلات الشعر وتُضعفها، وبالتالي يصبح الشعر أكثر عُرضة للتكسّر والهشاشة، بالإضافة إلى ضعف نمو الشعر.[2]
تأثير الصحة النفسية على الجلد
يُشاع جدًا تأثير الصحة النفسية على الجلد؛ إذ يسبّب الاكتئاب والتوتر، مشاكل جلدية مزعجة، بالإضافة إلى تفاقمها كلّما زادت حدّة المشاكل النفسية، ومن أشهر الأمراض الجلدية المرتبطة بالصحة النفسية ما يلي.[3]
- الوردية.
- حب الشباب.
- الصدفية.
- الأكزيما.
- الحكة الشديدة.
تأثير الصحة النفسية على السكري
يؤكّد العلماء والباحثون أنّ الأشخاص المصابين ببعض الاضطرابات النفسية مثل اضطرابات النوم، واضطرابات شراهة الطعام، واضطرابات القلق، هم الأكثر عُرضةً للإصابة بداء السكري 2، حتى أنّ الحالة النفسية تزيد من حدّة أعراض داء السكري للمصابين به.[4]
تأثير الصحة النفسية على ارتفاع ضغط الدم
ترتبط الصحة النفسية بارتفاع ضغط الدم؛ إذ أنّ المشاكل النفسية الشائعة مثل القلق والإجهاد العقلي والتوتّر، يؤثرون كما ذكرت سابقًا على صحة القلب، وارتفاع ضغط الدم يتعلّق بخلل تدفّق الدم من القلب؛ لذا يؤكّد الباحثون على أنّ استمرار تدهور الصحة النفسية قد يسبب الإصابة بارتفاع ضغط الدم لاحقًا.[5]
تأثير الصحة النفسية على المناعة
تؤكّد دراسات عديدة على أنّ الأفكار والمشاعر السلبية تؤثّر على الاستجابة المناعية لجهاز المناعة الذي يعد خط الدفاع الأول للجسم، وبالتالي فإن الاضطرابات النفسية تُضعفه تجاه الملوثات الخارجية.[6]
تأثير الصحة النفسية على الحياة اليومية
تؤكّد النقاط السابقة مدى ارتباط الصحة النفسية والصحة الجسدية، وبالتالي تظهر أيضًا التأثيرات على أنشطتنا اليومية والإنتاجية أيها القرّاء الأعزاء، والتي تتجسّد بما يلي.[7]
- الشعور بالتعب الشديد وانخفاض الطاقة خلال اليوم.
- فقدان إمكانية التعامل مع الإجهاد والتعب والمشاكل اليومية.
- الإصابة باضطرابات النوم والأرق.
- فقدان القدرة على التعامل مع الأشخاص المحيطين، وعدم تقدير المواقف، وبالتالي النقاش حولها وحلِّها.
المؤثرات الشائعة على الصحة النفسية
يوجد العديد من المسببّات لاختلال الصحة النفسية، يعود منها إلى التعرّض للصدمات، أو الإصابة ببعض الأمراض، إلّا أن أكثر الأسباب شيوعًا هي كلًا مما يلي.
اختلال الهرمونات
تعد الهرمونات أقوى المؤثرات على الحالة النفسية؛ لأنها مواد كيميائية تفرزها الغدد لتنظيم عمليات عديدة في الجسم من ضمنها التحكم بالمزاج، وبالتالي فإن أي اختلال بتوازن هذه الهرمونات كزيادة أو نقص إفرازها؛ يسبّب أضرارًا مؤثّرة على الصحة النفسية.[8]
نقص الفيتامينات
تعد الفيتامينات العناصر المغذية لكافة الأعضاء والأنسجة في جسم الإنسان، والبعض منها يؤثّر بشكل مباشر على الصحة النفسية، ومن هذه الفيتامينات ما يلي.
- فيتامين B12: إذ أنّ فيتامين B12 يساهم في إنتاج المواد الكيميائية المرتبطة بالحالة المزاجية، ووظائف الدماغ.[9]
- فيتامين د: يرتبط نقص فيتامين د بالصحة النفسية؛ إذ أنّ الباحثون يؤكّدون على إصابة العديد من الناس بأعراض الاكتئاب نتيجة نقص فيتامين د.[10]
ملاحظة: يعد نقص فيتامين د الأكثر شيوعًا من بين الفيتامينات الأخرى؛ لتواجده بشكل مكثّف في أشعّة الشمس التي يتجنّبها الكثيرون، لذا يوصي الأطبّاء بتناول المكملات الغذائية حسب شدّة النقص لديهم.
طرق تعزيز الصحة النفسية
تُوكّد المرشدة النفسية فداء الرزّاز، بأن معرفة مدى تأثير الصحة النفسية على حياتنا ككل، يعد الخطوة الأولى في مراعاة كافة الجوانب النفسية وعدم الاستهتار بها، وأنّه من الضروري مراجعة طبيب مختص في حال تفاقم الوضع سوءًا، كما أنها تؤكّد على أنّ العناية بالصحة النفسية ليست معقّدة في الحالات البسيطة والتي يُعاني منها معظمنا، ومن أبرز النصائح التي تخبرنا بها هي ما يلي.
- ممارسة أي نوع رياضة مُحبّب وبسيط.
- الالتزام بأنماط الأكل والنوم الصحي.
- قضاء أكبر وقت ممكن مع الأشخاص الإيجابيين والمفضلين.
- الابتعاد قدر الإمكان عن أسباب التوتّر والضغط.
- التقليل من تناول المنبهات، والابتعاد عنها تمامًا قبل النوم.
- ممارسة الأنشطة المفضلة بين الحين والآخر.
- الجلوس والتأمّل وحيدًا بين الحين والآخر؛ للابتعاد عن ضغوطات الحياة.
- التكلّم مع الأشخاص الموثوقين حول أسباب الضغط والإجهاد.
- تجنّب العزلة والوحدة.
- إجراء كافة الفحوصات المتعلّقة بالهرمونات ونقص الفيتامينات للتأكّد منها.
نصيحة: أعلم عزيزتي أن الدورة الشهرية تتأثر بالهرمونات مسبّبةً جهدًا نفسيًا قاسيًا؛ لذا حاولي الاسترخاء بعيدًا عن الضغط والجهد النفسي والبدني، وتناولي الأطعمة الصحية ومشروبات الأعشاب الطبيعية كاليانسون والنعنع؛ لتجنّب الإرهاق في هذه الفترة وممارسة الأنشطة اليومية بسلاسة قدر الإمكان.
دمتم بخير
المراجع
[6]https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7604758/
[8]https://www.jeanhailes.org.au/news/how-hormones-impact-mental-health